ثقب أسود يبتلع رمضان – إسماعيل غوى

 

 

 

 

كان صيامي هذا العام مجرد عادة قديمة أفعلها كل عام ، و حالما افرغ منها
سيلقي بها النسيان في مستودع الذاكرة فوق ركام من البرد والوحشة و العزلة و الأنين غير المسموع الذي أحاول مداراته عن الآذان الصاغية من حولي.

ينهض رمضاني المعتم كالفراغ خالياً من تمتمات الخشوع الصاعدة من الشفاة الجافة التي تتلذذ بالبلل وصلوات الصائمون قبيل الافطار.

ليس هناك سوى سفرة موبوءة يشاركني عليها أصدقاء وهميين تعرفت عليهم للتو هاجرو من ثقب اسود في السماء لم أسمع به من قبل يقولون أنه بعد أن ابتلع كل النجوم والأمنيات

لفظهم هم ليشاركونني ويلات رحلتهم التي ترسمها التجاعيد على جباههم ويقتبسون شيئا من عزلتي التي حولتهم إلى مجرد وشاة
لم يشعرو يوما بالحنين إلى أطفالهم كما أشعر أنا الآن

بدا لي للوهلة الأولى أن إفطارنا غريب في شكله و مذاقة اللذيذ كلذة الخطيئة و رائحتة التي تشابه رائحة الطهر فبدونا وكأننا نأكل خطايانا .

كل الأشياء هنا مغلفة بالعزلة والبكاء الأخير على غياب مفاجئ

في عزلتي العميقة أعيش حياة مؤجلة
وحرب خاسرة مع النسيان سرقت مني فرحة الصائمين ومتعة النظر إلى السماء المكتضة بالملائكة والدعاء الصاعد من صلاة التراويح

رمضان في هذه المدينة يبدوا رائعا جدا كفكرة عظيمة احبها الجميع تتدلى منها هتافات الغفران مثل ارجوحة تتهاوى فوق شرفات المنازل المفعمة بالروحانيات.

هكذا يشعرون به.

اما أنا فلن أشعر به الا عندما أكون محاطاً بمن يصنعون لي حياتي
ويصنعون لرمضان روحانيته قبل أن يبتلعه الثقب الأسود
ويلفظ لي المزيد من الغرباء ..