(ريان المغربي، نبع الحنان الإنساني) _ د. علي هيجان

بقلم الدكتور / علي جمال الدين هيجان

 

في زمن سطت فيه العولمة المتوحشة على الأحاسيس والمشاعر، وتعدت حتى على صفاء الروح ونقاء الضمائر،ينبلج سطوع نور على البشرية جمعاء في سائر جنبات الأرض المترامية من قعر(جب) في (المغرب المشرق بنسيجه الإجتماعي المغدق) تذكيرا للبشرية قاطبة بأن شموس الأمل لا تغيب وأن من فوض كل أمره وسائر شأنه لله لن يخيب،وأن للرحمة مشارق شتى،ومطالع أخرى..

وأن الله قد أرسل للناس أجمعين من ظلمات بئرموحشة نور رحمة متوهجة(مشكاته)قلب (الطفل ريان) النابض بأكسير حياة الرحماء، وعيشة الأتقياء..

حيث لم يقذف به إخوته في غياهب الجب ،لأنه استأثر من والديه بفيض طافح من مشاعر الحب ،ولكن براءة الطفولةولهافها الجامح تجاه مجاهيل فنون اللعب قد دفع روحه المتلألئة بروح الأمل ،ولمتوقدة بمثيرات اكتشاف ما في الكون من مخبوآت ،وما استودعه الله في جنباتها من مكونات.

قد ساقت(ريان المغربي)بل (ريان العالمي)إلى أن يذرع بأشواقه وروآه ،جنبات الكون وذؤابتاه تنوسان على جبينه الناعم، وسنا سروره يشرق خلجات نفسه،حتى خيل إليه من فرط اغتباطه أنه يكاد يطير إلى عوالم الغيب المبهج، ليقفز وهو في غمرة لهوه بقدميه الغضتين ،ليهوي على حين غفلة من والديه في قعر بئر (معطلة)قد حفرها والده على أمل أن يروي منها الأرض الظمأى،وأن يسقي الزروع العطشى..

ولكن الله أراد أن تتحول(غياهب الجب)إلى شلالات من أنوار الأشجان الدافئة،والمشاعر الحانية،والعواطف الإنسانية الوادعة، التي تجسد كينونة الإنسانية العذرية، في تمازج مشاعرها،وتلاحم عواطفها، وتعانق أحاسيسها،في زمن كادت أن تذوي فيه المشاعر ،

وأن تتخشب الضمائر..ليصبح(ريان المغربي العالمي) أيقونة لاجتثاث الضغائن والتربصات،وتجاوز الأحقاد والخلافات،والتسامي على المكائد والدسائس والمآمرات،وذلك في إشارة واضحة ،ودلالة دامغة،وحجة جد باهرة ،بأن كل أشكال وصيغ الآليات والبرامج العولمية، قد عجزت أن تطفئ سعير العولمة اللاهب،وأن تحد من ضجيجها الصاخب…ولكن(فاجعة)ريان.

قد أبانت لذوي البصائر والأبصار بأن(التراحم) بين بني البشر هو سر سعادتهم وواحة أنسهم ،وخميلة سكينتهم،،وسياج أمنهم وأمانهم.
ولئن كان الله قد أتقذ(يوسف)عليه السلام من ظلمات الجب العميق،وقعرها الموحش السحيق،ليكون على خزائن الأرض حفيظ عليم…

فإنه جل في علاه قد أراد أن يوقظ البشرية من رقدتها المادية، وأن يخرجها من غياهب غفلتها العولمية ،من خلال(محنة ريان الكبرى وفاجعة والديه العظمى)إذ بات مشكاة رحمة إنسانية مستدامة، تبدد عن إنسانية البشرية ماران عليها من دامس مدنيتها ،وداكن أنايتها،وحالك
اغترابها…

في عالم بلغت فيها التقنية آمادا بعيدة المنال، ولكنها أفلست في مجال القيم إلى حد ينذر كل البشرية بفواجع في الأحوال، وبسوء المآل.
حقا لقد تحولت محنة(ريان المغربي)إلى سفر عزاء كبير ،يوقظ الضمائر، وينير البصائر،
ويردع كل متعد جائر،ويهدي بل وينير سواء السبيل لكل تائه حائر.

د.علي جمال الدين هيجان
المدير العام لإقتصاديات التعليم الأسبق بوزارة التعليم.